يبدو ان معادلة رفح الأسرى ما زالت قائمة, لكن تطورا برز وتمثل في إصدار الولايات المتحدة مع سبع عشرة دولة أخرى بيانا دعت فيه حركة حماس إلى الإفراج عن الرهائن باعتباره سبيلا يفضي إلى إنهاء أزمة غزة, في وقت أكد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن هناك اتفاقا مطروحا على الطاولة من شأنه أن يقود إلى وقف فوري وطويل الأمد لإطلاق النار في غزة.
القطبة المخفية في النص المعروض والتي تشكل إما نجاحا وإما فشلا, هو ما قاله مسؤول في الإدارة الأميركية من أن القرار يتوقف على شخص واحد هو يحيى السنوار. ما يعني أن كل المفاوضات مع آخرين غير ذي جدوى.
قفز إلى الواجهة أيضا ما يجري في جامعات في الولايات المتحدة الأميركية من احتجاجات على حرب غزة, وكان لافتا ما أعلنه رئيس مجلس النواب الأمريكي من أن حماس تدعم الاحتجاجات في جامعة كولومبيا.
وعلى وقع هذا المشهد تسير الامور, ولا من عاقل سيصدق الادعاءات الاميركية عن نية جديدة لوقف الحرب عبر تشجيع اتفاقية سريعة. وان كانت الاخبار العبرية المتواترة تتحدث عن اجتماعات للكابينيت للبحث في توسيع صلاحيات الوفد الصهيوني المفاوض, وفي افكار جديدة تقدم على طاولة المفاوضات غير المباشرة مع حماس..
وبالمباشر كان الرد الفلسطيني عبر القيادي في حماس خليل الحية, أن الفلسطينيين عند ثوابتهم بوقف الحرب ورفع الحصار والانسحاب من غزة.
أما في لبنان كل الأزمات يمدد لها بحجة أن الازمة أفل من الفراغ بعد ان يزايدوا ويحشدوا الجماهير بشعارات زنانة لا تمت الى الحقيقة بصلة, فلم يشهد هذا البلد في تاريخه التشريعي والسياسي والنيابي ما يحصل في مجلس النواب في يومنا هذا وتكاد تكون أشبه بعملية تشويه للتمثيل النيابي. ذلك ان أي حقبة من حقبات الحرب او السلم لم تسجل مستوى من الخفة في التعاطي مع استحقاقات دستورية على غرار ما يجري اليوم, وابتكار مبررات وذرائع للتمديد تلو التمديد للفراغ في الدولة والفوضى والتحلل الآخذ في الاتساع, فبعد تطيير الانتخابات الرئاسية, طارت الانتخابات البلدية للمرة الثانية.
ومن جهة أخرى, فرغم كل التحذيرات التي تبلغها المسؤولون اللبنانيون وكل النصائح التي اسديت اليهم بوجوب فصل لبنان عن غزة وتطبيق القرار الدولي 1701 والمسارعة الى انتخاب رئيس جمهورية قبل فوات الاوان, لم تلقَ آذاناً صاغية ولا حتى اهتماما من اركان الحكم الماضين في خلافاتهم حول كل أزمة وملف, غير آبهين بتدحرج البلاد نحو حرب وشيكة تريدها اسرائيل وتحديدا رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو هرباً من مصير قاتم ينتظره في الداخل واحتمال صدور مذكرة قضائية باعتقاله.
وازاء اللامبالاة هذه ومع بلوغ الامتار الاخيرة قبل تنفيذ تل ابيب تهديداتها, وبعد زيارتين متوقعتين لوزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه السبت المقبل الى بيروت والمستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين كذلك حيث تشير مصادر حكومية بأن نه أبدى إستعداده للعودة الى لبنان قبل سريان الهدنة في حال قبول لبنان بفصل جبهة الجنوب عن غزة.
في حين, تتجه اوروبا بعد واشنطن لفرض عقوبات على معرقلي الحل في لبنان, وقد لمست فرنسا التي كانت تعارض توجهاً كهذا حتى الاسابيع الاخيرة لمس اليد, ان لا جدوى للمناشدات والتحذيرات وتكونت لديها قناعة بالسير بالعقوبات , علّها تفعل فعلها في مجال حل الازمة في لبنان.
وتقول مصادر دبلوماسية غربية ان دفعة من العقوبات الاوروبية والاميركية قيد الاعداد راهنا ستشمل لبنانيين وفلسطينيين وايرانيين, اشخاصا ومؤسسات, وقعها سيكون مؤذياَ لمن سيعاقبون , ذلك ان العقوبات الاميركية التي تحظر على المعاقبين السفر الى الولايات المتحدة والتعامل بالدولار, قد تكون مزعجة حكما الا ان العقوبات الاوروبية لا تقتصر على الازعاج بل تسبب ضررا كبيرا ,نسبة لشمولها دول الاتحاد الاوروبي كافة وفي شكل خاص فرنسا, حيث للمسؤولين اللبنانيين بمعظمهم ممتلكات ومنازل ومصالح.
وتدرج المصادر زيارة سيجورنيه لبيروت في اطار رسالة تحذيرية اخيرة قبل المضي في العقوبات, بتنسيق مع واشنطن في الموقف والرؤية , باعتبار ان عدم الانصياع اللبناني سيحمل نتنياهو على شن حرب كارثية على لبنان, وقد حذرت تل ابيب من ان بيروت ستلقى مصير غزة. حرب من شأنها ان تنقذ نتنياهو من براثن الضغط الممارس عليه من مختلف الاتجاهات الداخلية, قضائيا ومن جانب اهالي الاسرى لدى حماس وقد فجر شريط الفيديو الموزع امس لأحد الرهائن بما تضمن , جام غضبهم, فتحركوا ضد نتنياهو وحملوه مسؤولية ما قد يحصل لهؤلاء وتم توقيف بعضهم, اضافة الى ضغط سكان الجنوب الاسرائيلي المهجرين بفعل استهداف مناطقهم من جانب حزب الله, فإن هاجم الجيش العبري لبنان سيبعد الحزب عن حدوده ويعود السكان الى منازلهم كما وعدتهم حكومتهم.
رئاسياً, رغم ان كل المؤشرات تؤكد ان لا انفراج قريبا في الملف الرئاسي, يشهد لبنان حركة دولية مكثفة, إذ يصل وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه الى بيروت السبت المقبل, توازيا مع معلومات عن زيارة قد يقوم بها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين أيضاً, الى جانب مسؤولين اخرين عرب واجانب. فهل تأتي الحركة الدولية نتيجة الخوف من ان تقدم اسرائيل على حرب في الجنوب ام ان شيئا ما يُحضِّر رئاسيا, خاصة وان "اللجنة الخماسية" عاودت نشاطها بعد الأعياد, وكذلك كتلة "الاعتدال الوطني" التي التقت اليوم رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي, وأكدت ان المبادرة تقوم على 10 نقاط تم تذليل ثمان منها فيما بقيت نقطتان عالقتان تسعى والرئيس بري الى تذليلهما.
في حين ان تكتل الاعتدال لا يزال يحاول تحقيق خرق ما, وقد اجتمع لهذه الغاية برئيس مجلس النواب نبيه بري. لكن المؤشرات لا توحي ان الطبخة الرئاسية " استوت" خصوصا ان فريق المعطلين, وعلى رأسه حزب الله, مصر على ربط كل الاستحقاقات اللبنانية بتطورات غزة.